28. يونيو 2021الوصول والاستقرار
كانت التحضيرات لجولة التلاقي في بيت الأجيال المتعددة / مركز المواطنين في بلدة لار (الغابة السوداء) يوم 22 يونيو 2020 قد تمت على أكمل وجه. وهو ما نجح في تنظيمه بشكل مشترك كل من شارلوته فولف، مفوضة الاندماج في بلدة لار وإدفن فيشر، مدير المركز الذي انعقدت فيه جولة التلاقي. وقد نصبت الكراسي على شكل دائري موسع، بحيث تتسع لعشرين شخصاً. كان لا بد في بداية اللقاء من إنجاز التدابير البيروقراطية وخاصة تلك المرتبطة بإجراءات الحماية من كورونا، كالحفاظ على المسافة الفاصلة وارتداء الكمامات. وسرعان ما شعر الجميع بالراحة في هذا البيت المضياف. كان المدعوون يعرفون بعضهم البعض، وسرعان ما تغلب الفضول على الشعور الأول بعدم الأريحية. كانت الشابة طاهرة حسيني (17 عاماً) أحد الوجوه الجديدة في الجلسة. لجأت طاهرة ذات الأصول الأفغانية مع عائلتها إلى ألمانيا قادمة من إيران، حيث كانت تعيش كلاجئة. سلكت العائلة طريق البلقان ووصلت ألمانيا عام 2015 وهي تحلم بحياة أفضل. وقد أنهت طاهرة للتو الصف المدرسي العاشر، وبعد العطلة المدرسية ستلتحق بالمدرسة الثانوية. وهدف طاهرة هو دراسة طب الأسنان بعد ذلك. من أوائل الأسئلة التي وجهت لها: „ما الذي تفتقدينه وأنت هنا؟“، أجابت: „لا شيء على الإطلاق، إلا أجدادي وجداتي“.
أما الوجه الجديد الآخر في الجلسة فكان كوفان كمال سليمان الذي أنهى للتو تدريبه المهني في قطاع البيع بالتجزئة. أخبر كوفان الحاضرين بأن حياة عائلته التي تنتمي لأقليّة الإيزيديين كانت مهددة بصورة خاصة، وأنه كان أول من انطلق من عائلته باتجاه أوروبا بحثاً عن الأمان. وضع نصب عينيه الوصول إلى ألمانيا من كل بد. وهو يرى اليوم أن عملية الهروب واللجوء تلك كانت بمثابة مغامرة كبيرة. ويقول: „إذا أردت تحقيق شيء فإن باستطاعتك تحقيقه“، وها هو حقق مراده، كما يقول. وعندما سئل عما خبره من خيبات أمل في تجربته، قال بأنه كان يتمنى الدراسة في الجامعة، لكن ذلك لم يتحقق وسارت الأمور على غير ما تمناه. وبالرغم من ذلك تمكن بعد وصوله ألمانيا بوقت قصير من العثور على عمل والوقوف على رجليه اقتصادياً، فقد كان يريد لعائلته أن تنضم إليه، وهو ما حصل. „كنت أعمل يومياً لوقت كامل، ما صعّب علي متابعة دروس اللغة الألمانية، وهو أمر مؤسف بالنسبة له. لكنه وبالرغم من ذلك نجح في امتحان B2 ويعتزم الحصول على رخصة لضمان محطة تزود بالوقود يرتزق منها مستقبلا.
انخرطت المسنّات والمسنون، وبعضهم له علاقات متواصلة باللاجئات واللاجئين أو المهاجرات والمهاجرين، انخرطوا جميعاً مع ضيفيهم طاهرة وكوفان في نقاش حول أهمية الدين لكل منهم. هنا اختلفت الآراء وتشعبت وقالت إحدى المشاركات إن جميع الأديان، إن فسرت بشكل محافظ، تقود إلى ابتعاد الناس ونفورهم من بعضهم البعض، واستنتجت هذه السيدة أنه وإذ ذاك فلا حاجة للأديان. هنا اعترضت سيدة أخرى على كلامها وقالت بأنه لا يعنيها ولا يهمها كيفية ممارسة كل شخص لدينه على مستوى فردي وشخصي. وإنما ما يعنيها أن تقبل الناس على بعضها البعض في الحياة اليومية وأن تتعامل فيما بينها بكل احترام. وتحدثت طاهرة عن تجربتها وفضولها للتعرف على الأديان الأخرى، وقالت إنها كانت في الكنيسة وإن تلك كانت تجربة جميلة. وفي الختام اتفق الجميع على ضرورة تمكين النساء والأطفال من حقوقهن / حقوقهم.
إلا أن كوفان كمال سليمان عبّر عن شكوكه في إمكانية تحقيق ذلك قريبا: „النساء في عائلتي تتمتع بذات الحقوق كالرجال، لكني أعرف الثقافة التي نعيش فيها، وقد يستغرق الأمر 100 عام قبل أن تتحقق المساواة بين الجنسين“. كانت ردة فعل إحدى المشاركات تنمّ عن تفكير معمق وفيها شيء من المرح في ذات الوقت: „كانت حياة جداتنا اللواتي كنّ يعشن في القرية مختلفة جداً عما نعيشه اليوم كنتاج لما ناضلنا من أجله وحققناه. سندعم النساء لديكم حتى ولو استغرق (تحررهن) مئة عام“. وتساءل المشاركون من قدامى السكان هنا عما ينبغي فعله لرفع حماسة اللاجئين الجدد للديمقراطية، خاصة وأنهم يرون أن الحياة المشتركة بسلام (السلم الجماعي) ليس ممكنة إلا في مجتمع ديمقراطي. طاهرة وكوفان يساهمان في تحقيق هذه الحياة المشتركة والسلمية وهما يتطوعان كمترجمين ووسيطين بين المؤسسات الألمانية واللاجئين الجدد لمساعدتهم على تجاوز المراحل الأولى بعد وصولهم بسهولة: „نعرف تماماً معنى أن يصل المرء لما يبتغيه“.